الخميس، 15 ديسمبر 2022
التاريخ الفرعوني في الميزان العلمي
الأربعاء، 16 نوفمبر 2022
ضرورة الانتقال من مرحلة القيم إلى مرحلة الإجراءات - قراءة في "الازمة الدستورية في الحضارة الإسلامية" د. الشنقيطي
ضرورة الانتقال من مرحلة القيم إلى مرحلة الإجراءات
![]() |
| د. محمد المختار الشنقيطي |
الدكتور محمد المختار الشنقيطي أستاذ مادة "الأخلاق السياسية" في عدد من الجامعات, واشتهر عنه تحليله الناضج لسياسات الأمة التاريخية, وبراعته في الإسقاط على الحاضر, واستشرافه مالات المستقبل واحتياجاته في ضوء فهمه لواقع الأمة.
وقد تناول في الفصل السادس والأخير من كتابه الذي ابدع فيه "الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية" تناول الشرط الثاني لخروج الحضارة الإسلامية من أزمتها الدستورية، وهو:
"الانتقال من القيم إلى الإجراءات"
ويعني الشنقيطي بذلك ترجمة القيم السياسية الإسلامية الرائعة التي أتى بها ديننا الحنيف إلى مؤسسات وإجراءات دستورية منسجمة مع منطق الدولة المعاصرة بمصطلحاتها وأدواتها.
وقدم الفصل معايير لإسلامية أنظمة الحكم المعاصرة في شكل جدول يترجم ثلاثين من القيم السياسية الإسلامية المنصوصة في القرآن والسنة إلى أحكام دستورية عملية في دولة معاصرة، مبيناً أن الحد الأدنى لإسلامية نظام الحكم يتضمن شرطيْ الشورية:
- بأن تكون الدولة ديمقراطية.
- والمرجعية: بأن تستند الدولة إلى النص
الإسلامي أخلاقا وتشريعا.
مع ضرورة التمييز بين الالتزام الأخلاقي
والإلزام القانوني، وأهمية الانتقال من ثقافة الإكراه والقهر والزجر إلى ثقافة
الإقناع والتراضي.
![]() |
| د. محمد المختار الشنقيطي |
ثم تحدث الشنقيطي عن الديناميكية الثقافية التي ظهرت في صدر الإسلام، وضرورة استلهامها في الزمن الحاضر، من خلال استثمار المحفِّز الغربي، خصوصا في مجال المؤسسات والإجراءات السياسية الذي هو مجال تراكميٌّ متحرك، ويحتاج المسلمون الاستمداد فيه من الأمم التي سبقتهم على درب التطور السياسي.
ويرى الشنقيطي أنه يمكن حل الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية عبر استمدادٍ واسع من الكسب النظري والعملي الذي توصلت إليه الأمم الغربية الديمقراطية، وهذا الاستمداد سيُثري ثقافة المسلمين إذا تعاملوا معه بتواضع المتعلِّم، وثقة الراشد، بعيداً عن عُقد الدونية أو الاستعلاء، وسينبِّههم هذا الاستمداد على إمكانات معطَّلة في دينهم ما كانوا لينتبهوا إليها دون ذلك.
وهناك تأكيد على ضرورة أن يَبْذُر المسلمون في
تربتهم الثقافية الخاصة، وأن يتملَّكوا ما يستمدونه من حضارات وثقافات أخرى،
فاستعارة الفكرة في ذاتها لا تكفي لجعلها زاداً صالحاً، بل يتعين تملُّك الفكرة،
ونقْعُها في رحيق الثقافة المستعيرة، وإخضاعها لمنطقها الأخلاقي والعملي.
وأخيرا خلَص الفصل إلى ضرورة انتقال الثقافة الإسلامية من منطق الإمبراطورية القديمة إلى منطق الدولة العقارية المعاصرة. ويعني بأن أغلب الدول الإسلامية بعد عصر الخلافة الراشدة كانت إمبراطوريات أو شبه إمبراطوريات, ييتصف بما تتصف به الإمبراطوريات من افتئات على بعض الحقوق العامة, السياسية والمجتمعية.
بما يعنيه ذلك من مساواة بين المواطنين - مسلمين وغير مسلمين - في الحقوق والواجبات، فمِن التناقض الأخلاقي والمنطقي أن يدعوَ المسلم إلى دولة العدل والحرية، وهو يَحْرم مخالفيه في المعتقد -ممن تجمعهم به أرحام الدم واللسان والتاريخ والجغرافيا- من التمتع بثمارها في هذا المضمار، فذلك تطفيفٌ مناقض لمنطوق القرآن، وهو يضع المسلم في مفارقة أخلاقية لا تليق به ولا برسالته، لأنها تجعله ضحيةً للظلم ومسوِّغاً له في الوقت ذاته.
إخراج الحضارة الإسلامية من أزمتها الدستورية سيفلح
إذا اتسم بسِمتين:
* الاولى:
أن يكون مُقنعاً للضمير المسلم المتعلق بالقيَم السياسية الإسلامية وبتجربة الإسلام السياسية الأولى، وهذا يستلزم أن لا يكون الحل حلاًّ عَلمانياًّ منبتاًّ عن وجدان الشعوب ومزاجها الديني والأخلاقي.
* الثانية:
أن يكون مُنسجما مع منطق الدولة المعاصرة لا خارجاً عنها أو عليها، وهذا يستلزم أن لا يكون الحل حلاًّ سَلَفياًّ مستأسراً للذاكرة التاريخية المستمدَّة من الإمبراطوريات الإسلامية الغابرة.
ويرى الشنقيطي أن الخيار العلماني مستحيل
إسلامياًّ، والخيار السلفي مستحيل إنسانياًّ، والحل هو المنهج الإسلامي التركيبي
الذي يجمع بين الديني والمدني.
![]() |
| نهاية جمهورية روما |
دعوة الى عدم جلد الذات:
ويدعونا الشنقيطي إلى عدم جلد ذواتنا فلسنا نحن فقط من مر بمرحلة الامبراطوريات بما فيها من افتئات على الحقوق والحريات العامة, فقد مر بهذه المرحلة كل دول العالم بلا استثناء. ويؤكد على ما يلي:
- لم يكن المسلمون بدْعاً في تراجع القيَم السياسية في تاريخهم أمام السياقات الإمبراطورية التي تسلب الحريات والحقوق.
- انحسرتْ القيم الديمقراطية في أثينا قبل
الإسلام بقرون وليس بعد قدوم الإسلام.
- انحسرت في روما الجمهورية - أمام الروح
الإمبراطورية.
- ظلت القيم الديمقراطية تنتظر وقتها حتى جاءت فرصة التحقق مع النهضة الأوربية الحديثة.
- تفتقت مع ثورات الربيع العربي فرصة عظيمة أمام القيم السياسية الإسلامية للانبعاث.
ويختم الشنقيطي الفصل الأخير بتصريحه المتأثر باندلاع ثورات الربيع العربي في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين, حيث يقول:
"ويبدو أن الربيع العربي بداية تحوُّل تاريخي عميق، سيقود إلى تجديد نضارة الحضارة الإسلامية، وتحريرها من أزمتها الدستورية، ومن رَهَقِ سيف الإمامة الذي أنهكها عبر القرون."
السبت، 5 نوفمبر 2022
الحكم العسكري وأصنافه, و إسقاطات على التاريخ المعاصر
الحكم العسكري وأصنافه, وإسقاطات على التاريخ المعاصر
بقلم: د أيمن إبراهيم
يعرف الحكم العسكري بأنه وصول عسكريين من الجيش إلى سدة الحكم بوسائل غير دستورية, وغالباً باستخدام القوة المفرطة للجيش, حيث يعقبه تعطيل العمل بالدستور أو ببعض مواده, وفي بعض الاحيان يتم تعيين حكومة مؤقتة, وتنتهي عادة بانتخابات مسرحية لإضفاء الشرعية, وتخفيف الضغوط الدولية والإقليمية.
السؤال هنا ,
هل الحكم العسكري الذي تم تعريفه أعلاه هو نوع واحد؟ أم أن هناك عدة أنواع متباينة؟
وهل تختلف في طريقة الوصول للحكم؟ وكذا طريقة الإدارة وطريقة التداول أوالتوريث؟
الحقيقة أن المتخصصين في العلاقات المدنية العسكرية أجمعوا على أن هناك عدة أصناف للحكم العسكري تتميز كل واحدة منها بخصائصها وإن كانت كلها تندرج تحت مسمى الحكم العسكري مع تفاوت وقواسم.
![]() |
| تختلف أيدولوجيات وطريقة الحكم من دكتاتور لآخر |
الجزء الأول: الحكم العسكري وأصنافه
1. حكم دكتاتور عسكري منفرد:
وفيه يصل جنرال من قادة الجيش إلى سدة الحكم, وقد يكون جاء بانقلاب قام به الجيش كاملا, أو جزء منه, وقد يكون مرشحاً من مجلس الجيش أو مرشحاً لرئيس سابق.
والفيصل هنا أنه بمجرد استتباب الحكم له يتنصل من الجيش الذي ينتمي إليه, وربما يلفق لبعضهم التهم أو يغتال بعض قيادات الجيش ليسهل له تهميشه والسيطرة عليه.
كما قد يتخلص من كل من ساعده من المدنيين على الوصول للحكم, ويقود البلاد بحكم فردي دكتاتوري يقوض فيه الدستور واستحقاقاته من شورى وبرلمان ويضرب فيه استقلال السلطات القضائية, ويكبل حرية الصحف وتشكيل الأحزاب, وعمل النقابات والطلاب وغيرها.
وداخليا غالباً ما يعتمد في استتباب حكمه على نموذج الدولة البوليسية, مستخدماً قوى الشرطة القمعية, أو فرقة محددة من الجيش تدين له بالولاء.
أما خارجياً فيعتمد على روابطه الشخصية وولاءاته مع القوى العظمى التي تدعمه دولياً, وكذلك تدعمه داخلياً بوسائلها الناعمة المخترقة لهذه الدولة النامية.
![]() |
| رئيس تشيلي الدكتاتور الجنرال بينوشيه |
2. حكم لجنة عسكرية:
وفيه تصل لجنة عسكرية أو فريق من عدة قيادات عسكرية وسيطة أو رئيسية, أو تنظيم سري داخل الجيش إلى سدة الحكم بطريقة غير دستورية, حيث تقسم الوزارات والمسئوليات على أفراد اللجنة التي تتحول إلى مجلس حكم أو مجلس قيادة مؤقت أو دائم للبلاد.
وفي الطور الأول من حكم اللجنة/المجلس يكون حكمها قوياً, ويتمتع أعضاء اللجنة بمكانة فوق القانون والدستور, ويرثون خيرات ومقدرات الحكام السابقين, ويتم فرز الجيش بناء على ولائه للجنة أو التنظيم الحاكم.
حتى إذا دبت الخلافات بين أفرادها, هنا يبدأ الطور الثاني, حيث تعمل المؤامرات على تقليص عدد أفراد اللجنة أو القضاء عليها تماماً ويقوم المنتصر منها بالتبرؤ من سياساتها القديمة.
وفي الطور الثاني, طور المنافسة داخل اللجنة, يصبح الحكم ضعيفاً ويحتاج أن يؤسس المتغلبون فصيلاً داخلياً بديلاً يدعمهم أمام منافسيهم أصدقاء الأمس. كما يحتاجون إلى دعم خارجي وضوء أخضر من القوى العظمى.
عيوب حكم اللجنة:
ويعيب حكم اللجنة أنه يكون عشوائياً بحيث يقترب من حكم العصابة, وقد لا يهتم بصورة الجيش الذهنية أمام الشعب أو مستقبله في عيون الشعب, وذلك لوجود أجندات خاصة لأعضاء اللجنة.
كما تقمع اللجنة الجيش والشعب معاً, خوفاً من هاجس "الانقلاب" عليها الذي أذاقته لسابقيها.
وقد يطول الطور الاول للجنة فتصبح الدولة لها عدة رؤوس تحكمها وتظهر ظاهرة "مراكز القوى", وتفسد إدارة البلاد وتهدر الطاقات, وغالباً ما يسبب ذلك انهياراً عاماً لمقدرات الدولة, وقد يسبب ذلك الهزائم المريرة من أعدائها.
ويعتبر مآل "حكم اللجنة" بنسبة كبيرة إلى النوع الأول "الحكم الدكتاتوري" بعد أن يقضي أحد أعضائها على زملائه وينفرد بالحكم.
![]() |
| مجلس قيادة ثورة 1952 |
3. حكم مؤسسة الجيش:
وفيه يقرر الجيش أو أغلب أعضاء إدارته العليا الاستيلاء على السلطة من المدنيين, بغير الوسائل الدستورية في تداول السلطة, ويواكب ذلك تعطيل الدستور أو بعض مواده بصورة مؤقتة أو دائمة.
أسباب استيلاء الجيوش على السلطة
تتحرك المؤسسة العسكرية للاستيلاء على السلطة بالبلاد على الأعم الأغلب لأحد الأسباب التالية:
- لأخطار حقيقية تحيق بالدولة قرر الجيش التدخل لإنقاذها منها ولنبل هذه الحالة, فقد يكون تدخلا مؤقتاً ثم يعيد السلطة إلى الشعب بإشرافه على انتخابات نزيهة, مثل حالة سوار الذهب بالخرطوم.
- وقد يكون لطمع قيادة الجيش بالحكم, وذلك عند ضعف الحياة المدنية, وخلو البلاد من الأحزاب القوية.
- بإغراء من عضو مندس أو أكثر بإدارة الجيش العليا يملكون أجندات خفية لقوى عظمى, وهي بدورها قررت استخدام ذلك الجيش لإنفاذ خططها بالبلاد, وهذا النموذج هو الأوسع انتشاراً وتكرارا بالدول النامية.
وفي هذا الصنف من الحكم العسكري, يقوم الجيش بالوصاية والإشراف على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية, بدعوى حاجة البلاد لذلك, ويقوم بإضفاء الطابع العسكري على كافة مناحي الحياة, ويقسم أجهزة الدولة من أسفل لأعلى على قياداته العليا والوسيطة, ويتم تفعيل أنظمة الكوتة والأنصبة بين قادة الجيش في المناصب الرسمية كحكام الولايات أو المحافظات, والوزراء وأجهزة الدولة المدنية.
وقد يتم ذلك من باب الكفاءة في بعض الحالات, ويتم في الأغلب على سبيل المكافئة لأهل الولاء المقربين, أو المتقاعدين من المؤسسة العسكرية.
من مميزات حكم مؤسسة الجيش:
- تعد هذه الطريقة هي الطريقة الأمثل عند مرور البلاد بالكوارث أو الهزائم الكبرى, لقدرة العسكريين على حشد واستنفار الطاقات بصورة جافة قد لا يقدر عليها المدنيون.
- من أهم ما يميز هذا الحكم الترابط بين أفراد الحكم وقيادة الجيش, وصعوبة التفريق بين القيادتين أو شرخ العلاقة بينهما.
- استعمال آليات إدارة الجيش وأجهزته الجاهزة في إدارة المشكلات والأزمات عندما تكون كافة الادارات المدنية مفككة أو ملغاة. وقد تجدي هذه الطريقة في حالة الدول المستهدفة بأخطار محدقة, أو الدول الخارجة من حروب طاحنة, كما حدث في الحالة الكورية الجنوبية من سنة 1945 إلى سنة 1988م, وغيرها.
- يتبنى هذا الصنف من الحكم مصادرة فرص المدنيين السياسية والاقتصادية لصالح مؤسسة الجيش, عندما يكون هناك ترهل في الحياة المدنية, والظرف يحتاج إلى علاج سريع, وأغلب مبررات العسكريين تندرج تحت:
- ضرورة تحقيق أعلى معايير الانضباط لخطورة حالة البلاد, وأن ذلك لا يتوفر إلا في العسكريين آنذاك.
- أن الدولة تحتاج إلى سرعة في إنجاز الأهداف لدقة المرحلة وحساسيتها, وأن هذا لا يتوفر إلا في أجهزة عسكرية.
![]() |
| حكم مؤسسة الجيش في كوريا الجنوبية من 1945 إلى 1988 |
ومن عيوب "حكم مؤسسة الجيش":
- إن مبررات العسكريين لمصادرة حق المدنيين في الإدارة تكون مبالغاً فيها في أغلب الأحيان, حيث تتكرس هذه المبررات لدى بعض العسكريين نتيجة لتعظيم الذات العسكرية خصوصاً عقب النجاح الباهر في الوصول للحكم, حيث يتبنون رأياً مفاده أنهم الأصلح والأكثر جاهزية, والأقدر على التخطيط والتنفيذ, والأقل فساداً, وغالباً ما يكون هذا الرأي غير دقيق.
- أثبتت الإحصاءات فشل هذا النموذج في كل الحالات تقريباً, بسبب أن العسكريين يتعاملون بفوقية مع بقية الشرائح , وفي بعض الحالات سنوا قوانين تمييزية وتحصينية خاصة لهم.
- يقوم العسكريون في الغالب بتهميش قوى المجتمع المدنية وإقصاء طاقاتهم في الإدارة والإنتاج, مما يؤدي إلى انعدام شعورهم بالانتماء والمشاركة في إدارة بلادهم.
- بسبب الولاء العسكري والعصبية للزيّ, فقد يتم مجاملة عسكريين غير أكفاء بتعيينهم في مناصب أعلى من إمكاناتهم.
- بسبب الولاء قد يتم التغطية على فساد زملاء قدامى في السلاح رغم انخراطهم بالحياة المدنية منذ عقد أو أكثر.
- في بعض الحالات قد يتحول الجيش كاملا إلى ما يشبه حزباً سياسياً يتعاطى السياسة والحكم, ولا يمكن محاسبته برلمانياً أو تداول السلطة معه سلمياً ودستورياً, فيؤدي ذلك إلى انهيار الدولة على المدى البعيد.
- من شبه المستحيل على الشعب مصدر السلطات تقويم/إصلاح حكم المؤسسة العسكرية عند اعوجاجه, فأغلب الشعوب معزولة السلاح تماماً, ولا فرصة لديها تقريباً أمام قوة الجيش الغاشمة بدون دفع فاتورة كبيرة ربما يتم فيها تدمير بنية البلاد التحتية واقتصادها في حرب أهلية مريرة, كما حدث في حالة الجنرال فرانكو في إسبانيا.
- إجلاء الملك السابق إلى خارج البلاد.
- تعطيل العمل بالدستور.
- حل البرلمان المنتخب.
- حل كافة الأحزاب وتخوينها.
- تقييد حرية الصحف.
- قمع المعارضة بكافة أطيافها والزج بقادتها بالمعتقلات.
- تفعيل المحاكم الثورية الاستثنائية والعسكرية.
الأحد، 30 أكتوبر 2022
السياسة الخارجية المصرية تجاه ليبيا بعد القذافي
السياسة الخارجية المصرية تجاه "ليبيا بعد القذافي"
بقلم: د أيمن إبراهيم
أهداف السياسة الخارجية المصرية نحو ليبيا اليوم:
1. الهدف الأمني:
- تخاف القاهرة من نجاح حكومة الوفاق في طرابلس لانتماء بعض مكوناتها الى جماعات دينية مثل الاخوان المسلمين وبعض التيارات السلفية.
- لا تريد القاهرة نجاح الربيع العربي في ليبيا وهو نفس موقفها منه في سوريا واليمن, وهو موقف يعد امتدادا للثورة المضادة بمصر.
- تدعم القاهرة حفتر لان القاهرة تريد نفوذا لها في معادلة القوى السياسية الليبية على الارض. وتدعم القاهرة قوات حفتر لأنها تحتاج الى قوات مالية لها على الجانب الاخر من الحدود في برقة كعازل أمني مع التيارات الإسلامية والقوى الديمقراطية بليبيا.
2.
الهدف التنموي:
الحفاظ على المصالح الخارجية للدولة والجانب
التنموي, فليبيا سوق كبير للعمالة المصرية, و منطقة مشروعات مستقبلية واعدة لشركات
المقاولات المصرية.
3.
الهدف السياسي والرمزي:
كون ليبيا من دور الجوار تحتم على مصر كدولة
إقليمية كبيرة ان يكون لها دور في المعادلة الليبية للحفاظ على مكانتها الإقليمية
والدولية، وتدعم القاهرة حفتر لان القاهرة تريد نفوذا لها في معادلة القوى
السياسية الليبية على الارض.
أدوات السياسة الخارجية المصرية نحو ليبيا:
· الأدوات الدبلوماسية:
عقدت القاهرة بصفتها رئيسة الدورة الحالية
للاتحاد الافريقي مؤتمرا بالقاهرة يوم 24 ابريل 2019م مع زعماء الاتحاد الافريقي بخصوص
ليبيا والسودان ويكاد يكون هذا المؤتمر هو الأداة الدبلوماسية الوحيدة المعلنة
التي قامت بها القاهرة في هذه الفترة.
![]() |
| السيسي رئيسا للاتحاد الافريقي 2019م |
· الأدوات العسكرية والاستخباراتية:
يقوم الجيش المصري بتقديم المساعدات العسكرية
لقوات حفتر من العتاد الحربي والذخيرة، و يقوم الطيران الحربي المصري بشن الغارات
عند الضرورة لدعم قوات حفتر على الأرض ضد خصومه.
وتنشط عمليات المخابرات الحربية المصرية في
ليبيا, مخترقة الجماعات الدينية وقوات الوفاق و حلفائها, مساعدة قوات حفتر
بالمعلومات اللازمة في صراعهم ضد الوفاق.
![]() |
| السيسي يستقبل عقيلة وحفتر بالقاهرة |
محددات السياسة المصرية نحو ليبيا
·
المحددات الموضوعية الداخلية والبنيوية:
1.
تمتلك مصر جيش قوي يملك من الأسلحة و القوات البشرية ما
يمكنها من لعب دور كبير ان شاءت في ليبيا.
2.
مجاورة ليبيا لمصر يعطيها الأولوية في التأثير و حقوق
التدخل للحفاظ على امنها القومي.
3.
تتأثر السياسة المصرية الخارجية بمنطلقات المؤسسة
العسكرية المصرية في الفترة ما بعد سقوط الرئيس مرسي، حيث اولت القاهرة اهتمامها
بالقضايا العسكرية والأمنية ضمن التحالف الاماراتي السعودي أكثر على حساب القضايا
القومية العربية التي رعتها مصر طوال القرن الماضي.
4.
واعطت القاهرة ذات الخلفية العسكرية الأولوية لدعم
الجيوش العربية في الحكم و هو ما يفسر دعم القاهرة لحفتر باعتباره قائد عسكري, كما
اثر رفض القاهرة الأيدولوجي للجماعات الإسلامية في رفض مساعدة حكومة الوفاق التي
تتحالف مع التيار الإسلامي الإخواني و السلفي.
·
المحددات الخارجية الموضوعية:
- النسق الدولي : تنتمي مصر و ليبيا الى جامعة الدول العربية و الاتحاد الافريقي مما يجعلهما دولتان متقاطعتان في عدة دوار بالإضافة الجوار الجغرافي و التداخل السكاني القبلي.
- المسافة الدولية : لا تسمح الدول الكبرى بدور مصري كبير في ليبيا, وظهر ذلك من الرفض الإعلامي و الدبلوماسي الشديد بعد ان شنت مصر غارات جوية على معسكرات لجماعات قالت القاهرة انها إرهابية.
- التفاعلات الدولية : تصر السعودية الامارات لعب دور قيادي في ليبيا , كما لا توافق الجزائر الجار الكبير الاخر لليبيا بدور مصري كبير بها.
- الموقف الدولي : تمر ليبيا بأزمة داخلية تمتد في بعض الفترات الى مرحلة الصراع بين القوى على الأرض, و تكتفي مصر بالتعاون مع قوات حفتر عسكريا , و مع الوفاق دبلوماسيا.
·
الخصائص النفسية للقيادة:
حتى الان ينتظر المراقبون دورا أكبر لمصر في
ليبيا يعكس أهمية ليبيا لمصر في المجال الأمني و التنموي كمجال حيوي لمصر, ويبرز
سمات الخلفية العسكرية للقيادة السياسية بالقاهرة.
و هو ما يعكس عدم إدارة القاهرة لمواردها كما
ينبغي حتى الان, و تردد مصر في اتخاذ مواقف و مبادرات تنموية واقتصادية تناسب ما تملكه من أدوات
سياسية و عسكرية ورمزية.
نتائج وقرارات هذه السياسة:
- قررت القاهرة عدم اللعب المباشر على المسرح الليبي والانخراط في التحالف السعودي الاماراتي.
- قررت مصر الانحياز لخليفة حفتر القائد العسكري السابق على حساب حكومة الوفاق الشرعية بطرابلس رغم اعتراف المحافل الدولية بها.
- قررت القاهرة جعل الاولوية للهدف الأمني العسكري على الهدفين القومي والتنموي.
![]() |
| الجنرال السابق خليفة حفتر |
تقييم السياسة الخارجية المصرية نحو ليبيا:
- حتى الان ينتظر المراقبون دورا أكبر لمصر في ليبيا يعكس أهمية ليبيا عند مصر ليس في المجال الأمني فقط, وإنما في المجال التنموي فليبيا تقع في المجال الحيوي لمصر, وضمن مساحة العيش لمصر الإقليمية الكبيرة, وضمن التقييم تبرز سمات الخلفية العسكرية للقيادة السياسية الحالية بالقاهرة, فقراءة حال السياسة المصرية نحو ليبيا يعكس عدم إدارة القاهرة لفرصها ومواردها كما ينبغي حتى الان, ويمكن وصف السياسة المصرية بالتردد في اتخاذ مواقف ومبادرات تناسب ما تملكه من أدوات سياسية و عسكرية ورمزية.
- ضعفت الأدوات الدبلوماسية المصرية في هذه الفترة نتيجة نظرة الشك التي تنظر بها مكونات القوى بطرابلس إلى البعثة المصرية, لعدم حيادية مصر كأخت كبرى وانحيازها لجانب حفتر، وهو ما قضى على دور مصر كوسيط سياسي رئيسي في اللعبة, حيث كانت ستتمتع بمكانة أفضل وفرص اقتصادية أعلى.
- انكماش الدور المصري كان لصالح الاتحاد الأوروبي خصوصا فرنسا التي تركتها مصر تلعب في مجالها الحيوي بأجندة غير شفافة, وكذلك كان لصالح الامارات التي لا تملك اجندة محددة سوى ضرب الربيع العربي.
نبذة عن معجم قبائل قطر لأيمن زغروت
نبذة عن معجم قبائل قطر لأيمن زغروت معجم قبائل قطر - ط1 - دار أسامة للنشر - عمان الأردن إهــــداء أهدي هذا العمل المضني إلى قطر الشقي...
-
قراءة في الفصل الأخير من كتاب "الازمة الدستورية في الحضارة الإسلامية" د. الشنقيطي ضرورة الانتقال من مرحلة القيم إلى مرح...
-
التاريخ الفرعوني في الميزان العلمي بقلم: د. أيمن إبراهيم هل تعلم أن أوزيريس أو (أُزير مع إضافة مقطع السين) هو نبي الله إدريس عليه السلام، قا...












.jpg)





