مكاسب واشنطن من الحرب الروسية الأوكرانية بعيدا عن استنزاف روسيا

  مكاسب واشنطن من الحرب الروسية الأوكرانية بعيدا عن استنزاف روسيا

بقلم: د أيمن إبراهيم

لاشك أن واشنطن خططت منذ مدة للأزمة التي اندلعت في فبراير 2022م فكانت من ثمارها العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا.

فقد قلصت واشنطن الخيارات أمام موسكو, وأغلقت في وجهها الأبواب, واضطرتها إلى القيام بالخيار العسكري كوسيلة أخيرة للحفاظ على أمن روسيا وكرامتها.

وقد اختارت واشنطن ساعة الصفر بالنصف الثاني من فبراير 2022م لاشعال أتون الفتنة, دافعة زلينسكي لطلب الدخول في حلف الناتو, وزيادة الضغط على المواطنين الروس بالدونباس, مع عدم الاستجابة إلى مطالب موسكو التي كانت بعضها عادلة ويمكن التفاوض عليها.

وسبق أن خطط بايدن لهذه الخطة مبكرا متعاونا مع أوكرانيا ابان كان نائبا للرئيس أوباما, وقد حاول خصمه الجمهوري ترامب ان يبرز تلك العلاقة المشبوهة بين زلنيسكي وبايدن وابنه ابان حكمه.

ولاشك أن من يشعل النار بالعالم فإن لديه أهدافا كبرى يريد تحقيقها, فترى ما هي أهداف واشنطن من هذه الحرب؟ هل فقط إضعاف روسيا واحتوائها؟ وفتح جبهة استنزاف لها على غرار افغانستان فقط؟ 

لاشك أن هذا بعيد عن الصواب, فواشنطن تملك حزمة كبيرة من الاهداف الأوروبية المزمنة والتي حان الوقت لحلحلة أوروبا وتغيير أوضاعها.

أهداف واشنطن الأوروبية من الصراع الروسي الأوكراني

أولا: تجديد دماء حلف الناتو

وتأكيد الزعامة الامريكية لدى أعضائه, فقد ورث بايدن الحلف في حالة مذرية أحدثها ترامب, حيث طالب الأعضاء بدفع تكاليف حمايتهم , وعندما لم يدفعوا سحب العديد من الكتائب من ألمانيا واسبانيا وغيرها.

ووصلت حالة الحلف أن صرح ماكرون أن الحلف دخل في حالة موت سريري.

بلدان حلف الناتو

فكان لزاما على واشنطن لإحياء الحلف إشعار أعضائه بأهمية مظلة الحماية الأمريكية لهم, فإحياء فزاعة روسيا القديمة القادرة على بلع الدول الصغيرة هي فزاعة مثالية, ستؤدي حتما إلى هرولة أوروبا إلى بيت الطاعة في واشنطن, بل وطلبت فنلندا والسويد المحايدتان الانضمام للحلف مما وسع رقعته وزاد خطره لقرب فنلندا الشديد من قلب روسيا.

انضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو

ثانياً: إضعاف الاتحاد الأوروبي

منذ عقود راقبت واشنطن النمو الأوروبي الاقتصادي الأوروبي الكبير بزعامة ألمانيا وفرنسا عملاقا وسط أوروبا, وسيطرة ألمانيا على الاستثمار في أوروبا الشرقية , والتبادل التجاري الأوروبي الضخم مع روسيا, الذي دق ناقوس الخطر ضد المصالح الامريكية بعد أن اعتمدت أوروبا بصورة كبيرة على الطاقة الروسية.

الاتحاد الاوروبي

وواكب ذلك نمو النزعة الاستقلالية للاتحاد عن السياسات الامريكية, سواء في السياسة الخارجية مع الصين وروسيا , أو في الخطط العسكرية والاستراتيجية. ورصدت واشنطن نشوء ضعف في سيطرتها على ألمانيا وفرنسا في قضايا الطاقة كحادثة السيل الشمالي 2 وزيادة التبادل التجاري باطراد مع موسكو والصين.

لذلك فقد كان من الطبيعي أن تضع واشنطن الاتحاد الأوروبي موضع المنافس المستقبلي المحتمل الذي قد يقوض زعامتها بأوروبا وسيطرتها على شرق أوروبا تحديدا, لذلك أوعزت لبريطانيا بالانسحاب من الاتحاد لإضعافه, وفرض ترامب المزيد من الضرائب على السلع الأوروبية خصوصا السيارات الألمانية وغيرها وورطهم في الانفاق العسكري لتحقيق الامن بعد انسحابه من اوروبا.

لكن هذه الإجراءات لم تكن كافية لإحداث التأثير المطلوب, فكانت حرب أوكرانيا سببا قويا لتفرض واشنطن الاستغناء عن الغاز والبترول الروسي, وهو ما تعرف واشنطن مسبقا ان مدمر للنمو الاقتصادي الاوروبي ورفاه الحياة الاوروبية.

وبسبب الحصار الاقتصادي لروسيا فقدت كل دول الاتحاد الاوروبي مقياس النمو السنوي واصبح معكوسا, بل ويشير المحللون أن واشنطن هي التي فجرت السيل الشمالي 1 و2 لفرض القطيعة بصورة أسرع, وفرض التردي الاقتصادي معه.

ثالثا: انعاش الاقتصاد الامريكي

فعلى صعيد الطاقة, وبعد فرض قطع امدادات الغاز والبترول الروسي, زادت اسعار الغاز, ودخلت الشركات الامريكية لتملأ الفراغ الروسي, فباعت الغاز بأربعة أضعاف السعر, محققة مكاسب تاريخية, زادت من ازدهار اقتصاد الشركات الامريكي.

أما على صعيد الانتاج العسكري, فقد أدى التدفق التاريخي للاسلحة الامريكية على اوكرانيا إلى تفريغ المخازن , لتبدأ عجلة الانتاج العسكري الضخمة من جديد لتعوض ما تم فقده من المخزون الاستراتيجي للبنتاجون.

ربعا: اختبار كفاءة السلاح الامريكي

حقق دعم واشنطن لروسيا عسكريا فرصة تاريخية ايضا لتقييم الاسلحة الروسية عمليا في الميدان والتي طالما سمع البنتاجون عنها دون اختبارها.

كما تم اختبار الاسلحة الامريكية الجديدة وكفاءتها ضد المنظومات الروسية, واستخلاص العبر من ذلك.

منظومة هايمارس الأمريكية